" القطاع الاقتصادي غير الرسمي ببلدان المغرب العربي"
نظم مركز جامعة الدول العربية بتونس ندوة تحت عنوان : "القطاع الاقتصادي غير الرسمي ببلدان المغرب العربي" وذلك يوم الثلاثاء 28 ماي 2013 ابتداء من الساعة العاشرة صباحا بمركز الجامعة.
وقد بادر السيد بلقاسم الغطاسي، رئيس المركز في كلمته الافتتاحية الترحيب بالضيوف الحاضرين من السلك الدبلوماسي وعلى رأسهم عميد السفراء بتونس وبشكر المحاضرين الجامعيين على مساهمتهم في تنشيط الندوة التي تنعقد في اطار فضاء بيت العرب الذي تمّ التأسيس له منذ 1992 ويتمّ تنفيذ العديد من البرامج والأنشطة فيه ضمن موازنة مخصصة له سنويا.
كما أكد السيد رئيس المركز على أهمية مثل هذه اللقاءات التي تأتي في ظرف دقيق تمرّ فيه كل بلدان العالم بصعوبات وتحديات من أهمها تزايد نموّ الاقتصاد غير الرسمي أو غير المنظم وتطور دوره في اقتصاديات البلدان خاصة النامية منها.
فقد اشار السيد رئيس المركز الى أن هذا الاقتصاد، ككل الظواهر الاجتماعية والاقتصادية التي تعددت فيها البحوث والدراسات، تعددت فيه التعاريف وكثرت الأسماء فأصبحنا نقرأ عن "الاقتصاد الخفي" و"اقتصاد الظل" و"اقتصاد الفقراء" و"القطاع غير المرئي" وغيرها من التسميات.
هذا مع التأكيد ان سياسات البلدان خاصة العربية منها اختلفت تجاه هذا الاقتصاد غير المنظم فإذا عمدت الحكومة المغربية الى ادماج هذا النوع من النشاطات في الاقتصاد المنظم فإن تونس والجزائر ومصر سعت كل منها الى التعامل معه بكل حذر والحدّ من انتشاره وتوسعه.
وفي ختام كلمته، كرّر رئيس المركز شكره للحاضرين متمنيا التوفيق والنجاح للأعمال الندوة.
تداول على الكلمة أربعة متدخلين وتضمنت تدخلاتهم العديد من التحاليل والدراسات حول مستجدات ظاهرة الاقتصاد غير الرسمي وانقسمت الى المحاور التالية :
1- مداخلة الدكتور رضا قويعة : عنوان المداخلة "القطاع الاقتصادي غير الرسمي ببلدان المغرب العربي، إلى أين ؟".
نظرا لتعقد وتشعب ظاهرة الاقتصاد غير الرسمي، تطرق د. قويعة الى مختلف مفاهيم هذا الاقتصاد وتعدد آلياته كما استعرض دراسة مقارنة بين هذه الأنشطة بشمال افريقيا مع البلدان الأخرى المصنعة والنامية.
فإذا كانت أهمية هذا القطاع في تزايد سواء من ناحية مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي او في التشغيل وذلك في كل بلدان العالم، فإن هذه الأهمية هي ارفع بكثير في بلدان افريقيا جنوب الصحراء وفي أمريكا اللاتينية وفي آسيا الجنوبية، الأمر الذي حث الحكومات بهذه البلدان على اتخاذ الإجراءات اللازمة والاهتمام بهذا القطاع الحيوي لتنظيمه وإدماجه بالاقتصاد الرسمي.
أما أهمية هذا القطاع بالبلدان العربية فهي تختلف من ناحية حسب الموارد البشرية والبنية السكانية ومن ناحية أخرى حسب هياكل الانتاج الاقتصادي وأهمية الزراعة ودور القطاع العمومي في التشغيل. وهذا ما يفسر في الحقيقة ضعف دوره ببلدان مجلس التعاون الخليجي مقارنة بما يحدث بالبلدان العربية الأخرى، لذلك ركز الدكتور قويعة بعد ذلك على خصائص هذا الاقتصاد ببلدان شمال افريقيا مركزا على دراسة خصائصه السلبية منهيا تدخله بتقديم بعض التوصيات التي من شأنها ان تساعد على اخراج القطاع من الظل وادماجه بالاقتصاد المنظم.
2- مداخلة الدكتور غازي بوليلة : عنوانه "القطاع غير المصنف والنموّ الاقتصادي : هل يوجد حجم أمثل للقطاع غير المصنف؟".
للإجابة عن هذه الإشكالية، سعى المتدخل الى دراسة العلاقة بين التنمية الاقتصادية ووزن القطاع غير المصنف في الإقتصادات (من ناحية المساهمة في الناتج المحلي الاجمالي وفي التشغيل) وذلك لا فقط ببلدان شمال افريقيا وإنما أيضا مقارنة ببلدان افريقيا جنوب الصحراء وآسيا وأمريكا اللاتينية وبالدول المتقدمة وبما أن الاقتصاد غير المصنف يطرح في الحقيقة إشكالية العدالة واللامساواة في عملية توزيع الدخل، إذ يشغل أساسا أفرادا من الفئات الضعيفة والفقيرة فإن الدكتور بوليلة سعى إلى طرح العلاقة بين مراحل التنمية واللامساواة في توزيع الدخل، فاستنتج من دراسته أنه خلال المراحل
الأولى من التنمية الاقتصادية التي يكون فيها الاستثمار في رأس المال المادي والبشري ضعيفا، تلعب اللامساواة دورا مساعدا على تسريع النموّ الاقتصادي (ذلك بفضل تراكم الادخار المشجع على الاستثمار).
ولكن مع تقدم الاقتصادات تصبح زيادة رأس المال البشري مصدرا للنموّ وبالتالي مصدرا لرفع الدخل الفردي للسكان. عندها تصبح اللامساواة مصدر تدني النموّ الاقتصادي وذلك عبر الحدّ من المستوى العام للتعليم.
3- مداخلة الدكتور فتحي لشهب : عنوانه "القطاع الاقتصادي غير الرسمي : التشغيل والحدّ من الفقر".
اهتم المتدخل بأربعة محاور هي :
1. القطاع غير الرسمي ببلدان المغرب العربي.
2. خصائص العمل غير الرسمي.
3. أسباب العمل غير الرسمي.
4. الحلول
مرّ المتدخل بسرعة على المحور الأول تفاديا للتكرار، ثمّ ركز على خصائص العمل بهذا القطاع والتي من أهمها، تفشيه في أوساط الفقراء والشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و35 سنة وفي المدن الكبرى والقرى، كما يهم أساسا الرجال ومن لهم مستوى تعليمي متدن.
كما صنف محددات العمل بهذا الاقتصاد الى ثلاثة عوامل : اقتصادية واجتماعية وعناصر مؤسسية وأخرى سلوكية.
وفي الختام، اقترح المتدخل جملة من الحلول الضريبية والمؤسسية والقانونية والتعليمية.
4- مداخلة الدكتور بدر الدين البرايكي : عنوان المداخلة "المشهد العام لظاهرة الاقتصاد الموازي"
علل المتدخل تركيز دراسته على التجارة الموازية لأهمية هذا النشاط ومكانته في الاقتصاد بتونس. كما حاول في عرضه تحليل واقع الاقتصاد غير الرسمي في تونس مشيرا الى الجهد الذي تبذله الحكومة التونسية لترشيد هذا القطاع الذي تفاقم خاصة بعد الثورة.
فبعد عرض الفضاءات التي يمارس فيها هذا النوع من التجارة (أسواق أسبوعية، شوارع وأنهج المدن...) تعرض الى أهم القطاعات التي شملتها التجارة الموازية (نسيج، التجهيزات الألكترو منزلية، لعب الأطفال، المواد الغذائية والمحروقات).
ونظرا لهشاشة الوضع خاصة بالحدود التونسية، تفاقمت ظاهرة التجارة الموازية بعد الثورة وظاهرة التقليد والقرصنة للمنتوجات الصناعية والاستهلاكية.
وقبل عرض بعض الحلول، سعى الدكتور البرايكي الى تحديد انعكاسات التجارة الموازية على بعض المستويات : المستوى الاقتصادي، والاجتماعي والثقافي وعلى بقية المستويات.
كما بوب في الأخير المقترحات المقدمة الى إجراءات عاجلة وأخرى هيكلية.
النقاش : اثر انهاء العروض الأربعة، دار نقاش ساهم فيه أغلب الحاضرين، فطرحت العديد من الأسئلة والاشكاليات حول مفهوم القطاع الاقتصادي غير الرسمي والنشاطات المحظورة أو الممنوعات، كما استعرض بعض المتدخلين معلومات عن تطور هذا الاقتصاد غير المنظم خاصة بالبلاد التونسية.